• Home
  • تريند
  • خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf مكتوبة

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf مكتوبة

Image

نسرد لكم من خلال موقعنا خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf مكتوبة، حسب ما اعلنت عنه وزارة الأوقاف، حيث يخطب الائمة والخطباء، وفقاً لما يتم الإعلان عنه، ونسرد لكم من خلال موقعنا، موضوع خطبة الجمعة الأولى من شهر أغسطس.

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf مكتوبة

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf مكتوبة

حددت وزارة الأوقاف، موضوع الجمعة الأولى فى شهر أغسطس توافق يوم الرابع من الشهر وتكون موضوع الخطبة: الحمد في القرآن والسنة.

خطبة الجمعة القادمة خالد بدير pdf مكتوبة

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:

العنصر الأول من خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير : الحمد في القرآن والسنة
أولًا: منزلةُ الحمدِ في القرآنِ والسنةِ.
للحمدِ في الإسلامِ منزلةٌ عظيمةٌ كما جاءَ في القرآنِ والسنةِ، ولأهميتِه في القرآنِ افتتحَ اللهُ بهِ كتابَهُ فقالَ: { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }(الفاتحة: 2). كما افتتحَ خلقَهُ بالحمدِ فقالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ }. (الأنعام: 1). وقرنَ إنزالَ كتابِه بالحمدِ فقالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} (الكهف: 1). وحمدَ نفسَهُ بنفسِهِ في كلِّ وقتٍ فقالَ: { وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }.( القصص: 70). والحمدُ مِن صفاتِ أهلِ الجنةِ، قالَ تعالى:{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس:10].

كما أنَّ الحمدَ مِن صفاتِ الأنبياءِ والرسلِ الكرامِ عليهم أفضلُ الصلاةِ والسلامِ، فهذا نبيُّ اللهِ نوحٌ – عليه السلامُ- يحمدُ اللهَ بعدَ نجاتِه وهلاكِ الظالمينَ فقالَ: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }. [المؤمنون: 28]؛ وهذا إبراهيمُ – عليه السلامُ- يحمدُ ربَّهُ على نعمةِ الولدِ فيقولُ: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } [إبراهيم: 39]؛ وهذا داودُ وسليمانُ – عليهمَا السلامُ قالَا: { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ } [النمل: 15]. وهذا نبيُّنَا مُحمدٌ ﷺ بيدهِ لواءُ الحمدِ كلُّهُ، فعن أبي سعيدٍ الخُدْري رضي اللهُ عنه أنّ النبيَّ ﷺ قال: ” أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمُ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي”.(أحمد الترمذي وحسنه).

وقد تواترتْ كثيرٌ مِن الأحاديثِ النبويةِ التي تدلُّ على منزلةِ الحمدِ وفضلِهِ، فعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ – أَوْ تَمْلَأُ – مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ».( مسلم). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ” لأَنْ أَقُولَ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ”. (مسلم). وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:” لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ المَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ” (الترمذي وحسنه). وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنَّامٍ الْبَيَاضِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:” مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ. وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ .”( أبوداود).

ولعظمِ منزلةِ الحمدِ فإنَّ الملائكةَ يبتدرونَ كلماتِه أيُّهُم يكتبُهَا أولًا لفضلِهَا عندَ اللهِ تعالى. فعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: ” كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ ﷺ ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ “، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «مَنِ المُتَكَلِّمُ» قَالَ: أَنَا، قَالَ: «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ». (البخاري).

وغيرُ ذلك هناك العديدُ مِن الآياتِ والأحاديثِ التي تدلُّ على منزلةِ الحمدِ وفضلِه والتي لا يتسعُ المقامُ لذكرِهَا.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير : الحمد في القرآن والسنة
ثانيًا: مواطنُ الحمدِ.
حمدُ اللهِ تعالى واجبٌ على العبدِ في كلِّ وقتٍ وحين، إلّا أنّ هناك مواطنٌ وأحوالٌ كما جاءتْ بذلك السنةُ النبويةُ المشرفةُ يُستحبُّ أنْ يكثرَ العبدُ مِن الحمدِ فيها لفضلِهَا ومكانتِهَا، وبيانِ رضا العبدُ عن خالقِه، ومِن هذه المواطنِ:

عندَ النومِ والاستيقاظِ منهُ: فعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَالَ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وَأَحْيَا» وَإِذَا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» (البخاري)، وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ:« الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا، وَسَقَانَا، وَكَفَانَا، وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ، وَلَا مُؤْوِيَ» (أبو داود)، فلتحمدْ اللهَ على هذه النعمِ، فكم مِن أُناسٍ لا طعامَ ولا مأوَى لهم.

ومنها: عقبَ العطاسِ: لِأَنّ العطاسَ يحلُّ مرابطَ الْبدنِ ومفاصلِه، وتنفتحُ المسامُ وصمائمُ الأجهزةِ المخرجةِ للسمومِ والرطوباتِ منِ الدماغِ وسائرِ الجسدِ فيخفُّ البدنُ وينشطُ الفكر؛ُ فيكونُ داعيةً إلى النشاطِ في العبادةِ . قال ﷺ: “إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ” (البخاري)، وقد حرصَ السلفُ الصالحُ على هذا الهديِ النبوِي فقد أخرجَ ابنُ عبدِ البرِّ بسندٍ جيدٍ عن أبي داود السجستاني: “أنّه كان في سفينةٍ فسمعَ عاطسًا على الشطِّ حمدَ، فاكترَى قاربًا بدرهمٍ حتى جاء إلى العاطسِ فشمتَهُ ثم رجعَ، فَسُئِلَ عن ذلك فقال لعلَّهُ يكونُ مجابَ الدعوةِ، فلمّا رقدُوا سمعُوا قائلًا يقولُ: يا أهلَ السفينةِ إنَّ أبا داودَ اشترى الجنةَ مِن اللهِ بدرهمٍ” (فتح الباري).

ومنها: عقبَ الأكلِ والشربِ: فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ، وَسَقَى وَسَوَّغَهُ وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا» (أبو داود)، وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا» (البخاري) .

ومنها: عندَ لبسِ الثوبِ: وفي ذلك يقولُ ﷺ: «وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي، وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» (أبو داود).

ومنها: عندَ رؤيةِ أهلِ البلاءِ: يقول ﷺ: “مَنْ رَأَى مُبْتَلًى، فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ البَلَاءُ ” (الترمذي وحسنه) .

وروي أنّ أحدَ السلفِ كان أقرعَ الرأسِ، أبرصَ البدنِ، أعمَى العينينِ، مشلولَ القدمينِ واليدينِ، وكان يقولُ: “الحمدُ للهِ الذي عافانِي مِمّا ابتلَى به كثيرًا مِمّن خلقَ وفضلنِي تفضيلًا ” فَمَرّ بِهِ رجلٌ فقالَ لهَ: مِمَّ عافاكَ؟ أعمى وأبرصُ وأقرعُ ومشلولٌ. فَمِمَّ عافاكَ؟ فقال: ويحكَ يا رجل ! جَعَلَ لِي لسانًا ذاكرًا، وقلبًا شاكرًا، وبَدَنًا على البلاءِ صابرًا !

ومنها: عندَ ركوبِ الدابةِ: فعَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ» ثَلَاثًا، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ»، ثُمَّ قَالَ: ” {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا، وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}، ثُمَّ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ» ثَلَاثًا، «اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا».(الترمذي وحسنه).

ومنها: عندَ فقدانِ الولدِ: وفي ذلك يقولُ ﷺ؛ قَال اللَّهُ عزّ وجلّ في الحديث القدسي: «يَا مَلَكَ الْمَوْتِ قَبَضْتَ وَلَدَ عَبْدِي، قَبَضْتَ قُرَّةَ عَيْنِهِ وَثَمَرَةَ فُؤَادِهِ»، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا قَالَ؟ قَالَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. قَالَ: «ابْنُوا لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ» (أحمد، وابن حبان) .

ومنها: بعدَ قضاءِ الحاجةِ: فقد كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ قَالَ: “الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الأَذَى وَعَافَانِي” (ابن ماجه) . وذلك لأنّ هذا الأذَى لو احتبسَ فيك لأدَّى إلى موتِك وهلاكِك.

وقد روي أنّ ابنَ السماكِ دخلَ على هارونَ الرشيدِ الخليفةِ العباسِي يومًا؛ فاستسقَى الخليفةُ فأُتِيَ بكأسٍ بها؛ فلمّا أخذَهَا قال ابنُ السماكِ: على رسلِكَ يا أميرَ المؤمنين! لو مُنعتَ هذه الشربةَ بكم كنتَ تشتريهَا؟! قال: بنصفِ مُلكِي. قال: اشربْ هنأكَ اللهُ تعالى يا أميرَ المؤمنين. فلمّا شربهَا قال: أسألُكَ باللهِ لو مُنعتَ خروجَهَا مِن بدنِك بماذا كنت تشترِى خروجَهَا؟! قال: بجميعِ مُلكِي. قال ابنُ السماك: لا خيرَ في مُلكٍ لا يُساوِي شربةَ ماءٍ. فبكَى هارونُ الرشيدُ … فسبحانَ الله !! مُلكٌ يمتدُّ مِن الصينِ شرقًا إلى المحيطِ الأطلسِي غربًا لا يُساوي شربةَ ماءٍ!!

وهكذا يُستحبُّ أنْ يداومَ العبدُ على حمدِ اللهِ تعالى في جميعِ أحوالِه وأفراحِه وأتراحِه، وهذا ما سنعرفُهُ بالتفصيلِ في عنصرِنَا التالِي إنْ شاءَ اللهُ تعالى.

العنصر الثالث من خطبة الجمعة للدكتور خالد بدير : الحمد في القرآن والسنة
ثالثًا: ملازمةُ الحمدِ في السراءِ والضراءِ.
كثيرٌ مِن الناسِ يعتقدُ أنَّ حمدَ اللهِ يقتصرُ على أحوالِ السراءِ وحصولِ النعمِ، وهذا فهمٌ خاطئٌ وقاصرٌ؛ لأنَّهُ يجبُ على العبدِ أنُ يداومَ على حمدِ اللهِ في جميعِ أحوالِه، في سرائِه وضرائِه؛ فعن صهيبٍ قال: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ:” عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ؛ وإنْ أصَابتْهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ “. ( مُسْلِمٌ). وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» (ابن ماجه).

وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ؛ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:” عَرَضَ عَلَيَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ لِيَجْعَلَ لِي بَطْحَاءَ مَكَّةَ ذَهَبًا! فَقُلْتُ: لَا يَا رَبِّ وَلَكِنْ أَشْبَعُ يَوْمًا وَأَجُوعُ يَوْمًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ؛ فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ إِلَيْكَ وَذَكَرْتُكَ ؛ وَإِذَا شَبِعْتُ حَمِدْتُكَ وَشَكَرْتُكَ.” ( أحمد والترمذي وحسنه).

فعليكُم بملازمةِ الحمدِ على كلِّ حالٍ لتكونُوا أفضلَ الخلقِ عندَ اللهِ، فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ النبيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ» (الطبراني). وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى إِلَى الْجَنَّةِ الْحَمَّادُونَ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللهَ عَلَى السَّرَّاءِ، وَالضَّرَّاءِ». (الطبراني والبزار بنحوه بسند حسن).

وليكنْ لكم القدوةُ في الصحابةِ الكرامِ في ملازمةِ الحمدِ مع ضيقِ العيشِ وشدةِ البلاءِ، فهذا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، “أُتِيَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا، فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ: إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ. وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ، أَوْ قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ”.(البخاري).

وعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ، دَخَلَ يَوْمًا الْمَسْجِدَ، وَعَلَيْهِ نَمِرَةٌ قَدْ تَخَلَّلَتْ فَرَقَّعَهَا بِقِطْعَةٍ مِنْ فَرْوَةٍ، فَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَقَّ أَصْحَابُهُ لِرِقَّتِهِ، فَقَالَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ يَوْمَ يَغْدُو أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ وَيَرُوحُ فِي أُخْرَى، وَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَصْعَةٌ وَتُرْفَعُ أُخْرَى، وَسَتَرْتُمُ الْبُيُوتَ كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةَ؟»، قَالُوا: وَدِدْنَا أَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَا رَسُولَ اللهِ فَأَصَبْنَا الرَّخَاءَ وَالْعَيْشَ، قَالَ: «فَإِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ، وَأَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكَ». (حلية الأولياء).

فالصحابةُ رضي اللهُ عنهم ظنُّوا أنّ كثرةَ هذه النعمِ في آخرِ الزمانِ تجعلُ صاحبَهَا في شكرٍ دائمٍ وتفرغٍ للطاعةِ والعبادةِ، ولكنّ النبيَّ ﷺ قال «أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكَ».

فانظرْ إلى الصحابةِ الكرامِ كانوا دائمِي الحمدَ للهِ تعالى مع شدةِ الفقرِ والحاجةِ والبلاءِ، ونحن نتقلبُ في هذه النعمِ: نعمةِ الصحةِ، ونعمةِ الأمنِ، ونعمةِ الولدِ، ونعمةِ البصرِ، ونعمةِ السمعِ، ونعمةِ الشمِّ والتذوقِ، ونعمةِ المشيِ والحركةِ، ونعمةِ …. ونعمةِ ….. إلخ ؛ { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}.( النحل: 18). ومع ذلك نتسخطُ على هذه النعمِ ولا نشكرُ اللهَ ولا نحمدُهُ عليها ؛ فهل مِن عودةٍ إلى الشكرِ والحمدِ على ما أسدلَنَا اللهُ مِن نعمٍ؟!

فعليكُمْ بلازمةِ الحمدِ وشكرِ النعمةِ فإنّ ذلك سببُ المزيدِ، قالَ تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم: 7]. قال بعضُ السلفِ رحمَهُمُ اللهُ تعالى: “النعمُ وحشيةٌ فقيدُوهَا بالشكرِ”. وقال الحسنُ البصرِي: “إنّ اللهَ ليمتعَ بالنعمةِ ما شاءَ، فإذا لم يُشكرْ عليهَا قلبهَا عذابًا، ولهذا كانوا يسمونَ الشكرَ: الحافظُ، لأنَّهُ يحفظُ النعمَ الموجودةَ، والجالبُ، لأنّهُ يجلبُ النعمَ المفقودةَ.”

نسألُ اللهَ أنْ يكتبنَا عندَهُ مِن الشاكرين الحامدين الذاكرين ، وأنْ يحفظَ مصرنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ .

اقرﺃ ايضا: أسماء حركة تنقلات رؤساء مباحث القاهرة 2023

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *